شريط الأخبار

تَطْفِيفٌ مُتَعَدِّدُ الاتِّجَاهَاتِ!

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ منذ 0 ثانية 2497

يَظُنُّ البَعْضُ أَنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالى ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المُطَفِّفِين:1]، مَحْصُورٌ فِي العَلَاقَاتِ التِّجَارِيَّةِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَيَجْعَلُونَهَا فَقَطْ فِي مَوْضُوعِ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ، نَاسِينَ أَنَّ صَلَاحِيَةَ القُرْآنِ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَفْرِضُ عَلَيْنَا بَثَّ الْحَيَوِيَّةِ فِي جَسَدَ الوَاقِعِ مِنْ آياتِ القُرْآنِ العَظِيمِ التِي تُوحِي لَنَا مِنْ طَرَفٍ آخَرَ أَنَّ هُنَاكَ نَوْعَ تَطْفِيفٍ آخَرَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ الوَيْلَ لَا يَنْتَظِرُهُمْ، وَهُوَ ملَاقِيهِمْ وَلَا شَكَّ إِنْ كَانَ الخَتْمُ لَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الشَّرِّ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ ذَلِكَ:

1- فُلَانٌ يُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لَهُ الحَظْوَةُ العُلْيَا وَالمَنْزِلَةُ الفُضْلَى عِنْدَ أَصْدِقَائِهِ، بِحَيْثُ يُحِبُّونَهُ وَيَحْتَرِمُونَهُ وَيُجِلُّونَهُ وَيُقَدِّرُونَهُ وَيُشْعِرُونَهُ بِالْحُبِّ لِسَانًا وَجَوَّالًا وَمِرْسَالًا، وَإِذَا طَلَبَ مِنْهُمْ مَالًا أَعْطَوْهُ هِبَةً أَوْ دَيْنًا، فِي حِينِ لَا يَرَى هُوَ أَنَّهُمْ جَدِيرُونَ بِإِغْدَاقِ حُبِّهِ وَاحْتِرَامِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُعْطِيهِمْ فِي نِطَاقِ قُدْرَتِهِ، فَـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

2- المُدَرِّسُ الذِي يُجْبِرُ طَلَبَتَهُ عَلَى احْتِرَامِهِ خَوْفًا، وَلَا يَرْضَى لَهُمْ أَنْ يَكْسِرُوا "بريستيجَهُ" وَيُغَلِّظُ عَلَيْهِمْ، وَيُسِيءُ لَهُمْ، وَيُطَالِبُهُمْ بِأَنْ يَظَلُّوا مَعَهَ عَادِيِّينَ لَطِيفِينَ بَرِيئِينَ رَغْمَ آنَافِهِمْ وَظَاهِرِ قُلُوبِهِمْ، وَرُغْمَ شِدَّتِهِ وَقَسْوَتِهِ، فـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

3- الزَّوْجُ الذِي يُرِيدُ مِنْ زَوْجِهِ أَنْ تُطَبِّقَ جَمِيعَ آيِ القُرْآنِ وَأَحَادِيثِ العَدْنَانِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِهِ، وَهِيَ التِي إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ لَمْ يَسُرَّهَا، وَإِذَا طَلَبَتْهُ لَمْ يُلَبِّهَا، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا لَمْ يَحْفَظْهَا فِي عَيْنِهِ وَنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

4- الرَّئِيسُ الذِي يَرَى نَفْسَهُ "رَازِقَ" رَعِيَّتِهِ؛ فَعَلَيْهِمْ تَبْجِيلَهُ وَتَقدِيسَهُ وَإِعْلَاءَ قَدْرِهِ، وَوَاجِبُهُ عَلَيْهِمْ أَنْ تَكُونَ إِشَارَتُهُ أَمْرًا، وَأَمْرُهُ فِيهِمْ تَنْفِيذًا، فِي حِينِ لَا يُتَابِعُهُمْ وَلَا يَسْهَرُ عَلَى رَاحَتِهِمْ وَإِصْلَاحِ أُمُورِهِمْ، فَـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

5- وَأَخْطَرُهُ التَّطْفِيفُ الفِكْرِيُّ الذِي يَدْفَعُ فِيهِ البَعْضُ عُقُولَهُمْ عَلَى قَارِعَةِ التَّارِيخِ لِصَالِحِ تَنْظِيمَاتِهِمْ وَمَعْشُوقِيهِمْ؛ وَزَعْمُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بَعْدَ اكْتِشَافِهِمْ ضَلَالَهُمْ وَانْحِرَافَهُمْ أَنَّ بَقَاءَهُمْ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ عَامًا جَدِيرٌ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَمُسْتَقِيمٌ، وَلَا يُرِيدُونَ مَعَهُ العَوْدَ وَالحُؤُولَ إِلَى الصَّوَابِ وَالحَقِّ الصَّرِيحَيْنِ، فـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

6- وَالتَّطْفِيفُ الإِعْلَامِيُّ؛ وَمِنْ مَظَاهِرِهِ أَنْ تَجِدَ مُتَغَلِّبِينَ يُلَبِّسُونَ وَيُدَلِّسُونَ عَلَى النَّاسِ فِي الوَاضِحَاتِ الظَّاهِرَاتِ مِنْ أُمُورِهِمْ لِدَرَجَةٍ قَدْ يَتَصَوَّرُ مَعَهَا البَعْضُ أَنَّ بَيْعَ أَرْضٍ وَتَنَازُلًا لِعَدُوِّنَا الصُّهْيُونِيِّ قَدْ يَكُونُ سَلَامَ شُجْعَانٍ، وَأَنَّ العَمَالَةَ وَالانْتِعَالَ مِنَ الصَّهَايِنَةِ وَخِدْمَتَهُمْ وَالسَّهَرَ عَلَى رَاحَتِهِمْ وَرَدَّ "ضَالِّهِمْ وَتَائِهِهِمْ" لَيْسَ إِلَّا "تَنْسِيقًا أَمْنِيًّا"، وَأَنَّ غَزَّةَ بِمُجَاهِدِيهَا وَصَابِرِيهَا وَمُحَاصِرِيهَا وَشِيبِهَا وَشَبَابِهَا وَرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا لَيْسُوا إِلَّا "مَسْجِدَ الضِّرَارِ" الذِي يُعادِي "دَوْلَةَ المُقَاطَعَةِ"، وَأَنَّ حَرْقَهُمْ وَسَحْلَهُمْ وَسَرِقَةَ مَوَارِدِهِمْ وَالتَّنْكِيلَ المُسْتَمِرَّ بِهِمْ لَيْسَ إِلَّا مَصْلَحَةً عُلْيَا يَرَاهَا وَلِيُّ الأَمْرِ، وَهِيَ ضَرُورَةٌ تُبِيحُ مَحْظُورَةً، وَتَجِدُ أَرْبَابَ هَذَا الخِطَابِ يَسْتَدِلُّونَ بـ "قَالَ اللهُ وَقَالَ رَسُولُهُ"، فَـ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ".

قَدْ يَجِدُ هَؤُلَاءِ الرِّعَاعُ المُطَفِّفُونَ مِنَ النَّوْعِ الأَخِيرِ تَحْدِيدًا مَنْ يَخْدِمُهُمْ وَيُسَوِّقُ رِوَايَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُعْطُونَهُ مَالًا وَيَشْتَرُونَ ذِمَّتَهُ وَقَلَمَهُ، وَقَدْ يُصَدِّقُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ قَارِئَ التَّارِيخِ بَعْدَ مِئَةِ سَنَةٍ مِنَ الآنَ؛ وَقَدْ نُقِلَتْ لَهُ الأَحْدَاثُ مُجَرَّدَةً لَنْ يَرَى فِي هَؤُلَاءِ إِلَّا أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا وَأَسَافِلَ مُضَيِّعِيهَا، وَسَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِاشْمِئْزَازٍ وَازْدِرَاءٍ، وَيَتَخَيَّلُ نَفْسَهُ مُنْتَقِلًا عَبْرَ الزَّمَنِ لِيَصِلَ زَمَانَنَا لِيُخَلِّصَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ المُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَهْرُكَ آمِنًا، فَلَنْ تَكُونَ عَلَى عَدُوِّكَ قَادِرًا!

مقالات مشابهة

تَطْفِيفٌ مُتَعَدِّدُ الاتِّجَاهَاتِ!

منذ 0 ثانية

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 50 ثانية

أ. محمود موسى بربخ - خطيب بوَزارة الأوقاف

مصطلح المسجد

منذ 13 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

لِمَاذَا نَدْعُو اللهَ وَلَا يَسْتَجِيبُ لَنَا؟

منذ 21 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

تَطْفِيفٌ مُتَعَدِّدُ الاتِّجَاهَاتِ!

منذ 0 ثانية2497
إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 50 ثانية3887
ثقافة الوفاق

منذ 1دقيقة2855
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi