شريط الأخبار

الأَسْرَارُ الخَفِيَّةُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ البَهِيَّةِ

أ.د محمود خليل أبو دف - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ منذ 0 ثانية 3354

الصَّلَاةُ كَسَائِرِ العِبَادَاتِ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَإِصْلَاحِ السُّلُوكِ الإِنْسَانِيِّ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ جَمَاعَةً فِي المَسْجِدِ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ يَمْتَنُّ اللهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ الذِينَ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ المُدَاوَمَةَ عَلَى هَذِهِ الطَّاعَةِ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الفَجْرِ فَلْيَحْمَدِ اللهَ -عز وجل- وَيَشْكُرْهُ عَلَى هَذِهِ المِنَّةِ.

وَالمُدَاوَمَةُ عَلَى صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ لَهَا آثَارٌ تَرْبَوِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ طَيِّبَةٌ يَجْنِي المُصَلُّونَ ثِمَارَهَا اليَانِعَةَ، فَفِي تِلْكَ الصَّلاَة ِالخَيْرُ الكَثِيرُ الذِي قَدْ لَا يُحِيطُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَقَدْ لَفَتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- انْتِبَاهَنَا إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].

وَمِنْ خِلَالِ اسْتِقْرَاءِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ وَتَحْلِيلِهَا أَمْكَنَ اسْتِنْبَاطُ العَدِيدِ مِنَ الآثَارِ التَّرْبَوِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ التِي تَنْعَكِسُ عَلَى سُلُوكِ المُدَاوِمِ عَلَيْهَا وَتُحْدِثُ فِي نَفْسِهِ أَثَراً طَيِّباً عَظِيماً، وَيُمْكِنُ إِجْمَالُ أَبْرَزِ تِلْكَ الآثَارِ فِي الآتِي:

- تَخْلُقُ عِنْدَ المُصَلِّي بَرْمَجَةً نَفْسِيَّةً عَلَى طَاعَةِ اللهِ -عز وجل- وَالاسْتِجَابَةِ لِأَوَامِرِهِ وَتَعْظِيمِ شَعَائِرِهِ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ.

- تُعَوِّدُهُ عَلَى تَنْظِيمِ أَوْقَاتِهِ وَالتَّخْطِيطِ الجَيِّدِ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ المَنْشُودَةِ آخِذًا بِالأَسْبَابِ وَمُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ -عز وجل-.

- تُعَزِّزُ لَدَيْهِ الاتِّجَاهَ السُّلُوكِيَّ الإِيجَابِيَّ المُتَمَثِّلَ فِي مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ عَلَى الطَّاعَاتِ.

- إِيقَاظُ الهِمَّةِ الرَّاقِدَةِ وَشَحْذُهَا نَحْوَ طَلَبِ المَعَالِي بِجِدٍّ وَإِصْرَارٍ.

- التَّدْرِيبُ عَلَى مُقَاوَمَةِ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ الذِي يُعَدُّ أَكْبَرَ المُهَدِّدَاتِ التِي يُجَابَهُ بِهَا المُؤْمِنُ السَّاعِي وَالنَّافِرُ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.

- انْبِسَاطُ النَّفْسِ وَانْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَاطْمِئْنَانُ القَلْبِ، كَيْفَ لَا؟ وَالمُصَلِّي يَكُونُ فِي ذِمَّةِ اللهِ اللَّطِيفِ الوَدُودِ وَصُحْبَةِ المَلَائِكَةِ التِي تَشْهَدُ صَلَاةَ الفَجْرِ.

- تُعَوِّدُ المُؤْمِنَ عَلَى الاسْتِعَانَةِ بِاللهِ -عز وجل- وَالتّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَطَلَبِ التَّوْفِيقِ مِنْهُ لِأَدَاءِ الطَّاعَاتِ التِي يُحِبُّهَا لِعِبَادِهِ.

- تُحَفِّزُ المُؤْمِنَ عَلَى تَقْوِيمِ أَعْمَالِهِ وَمُسْتَوَى الْتِزَامِهِ وَمَدَى قُرْبِهِ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، وَذَلِكَ أَنَّ اجْتِرَاحَ المَعَاصِي يُعَدُّ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الحِرْمَانِ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَافِعًا إِلَى مُرَاجَعَةِ النَّفْسِ وَمُحَاسَبَتِهَا عَلَى التَّقْصِيرِ وَالاجْتِهَادِ فِي إِصْلَاحِهَا.

- تَزِيدُ ثِقَةَ المُصَلِّي بِنَفْسِهِ وَتُرَسِّخُ لَدَيْهِ صُورَةً إِيجَابِيَّةً عَنِ الذَّاتِ، وَهُمَا مِنَ العَوَامِلِ الضَّرُورِيَّةِ لِتَحْقِيقِ النَّجَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّوَافُقِ مَعَ الذَّاتِ وَالتَّكَيُّفِ الاجْتِمَاعِيِّ مَعَ الآخَرِينَ، وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ كُلُّهُ حِينَمَا يُدْرِكُ المُدَاوِمُ عَلَى صَلَاةِ الفَجْرِ فِي المَسْجِدِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَطِيعُهُ المُنَافِقُونَ.

- المُدَاوَمَةُ عَلَى صَلَاةِ الفَجْرِ فِي المَسْجِدِ تَجْعَلُ المُصَلِّيَ يَسْتَشْعِرُ بِقُوَّةٍ قِيمَةَ النَّجَاحِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهَذَا هُوَ النَّجَاحُ الحَقِيقِيُّ الذِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَطَلَّعَ وَتَتَشَوَّقَ نُفُوسُ المُؤْمِنِينَ إِلَى بُلُوغِهِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَمَرَةٌ كَبِيرَةٌ تَتَمَثَّلُ فِي تَوْكِيدِ الذَّاتِ وَالشُّعُورِ بِمَزِيدٍ مِنَ احْتِرَامِ الذَّاتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ بِنَاءِ الشَّخْصِيَّةِ السَّوِيَّةِ المُتَمَتِّعَةِ بِأَعْلَى دَرَجَاتِ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ.

- مَنْ يُدَاوِمُ عَلَى صَلَاةِ الفَجْرِ يَتَذَوَّقُ حَلَاوَةَ الصُّحْبَةِ المُؤْمِنَةِ المُتَمَيِّزَةِ، فَصُحْبَةُ الفَجْرِ صُحْبةٌ نَوْعِيَّةٌ بِكُلِّ المَقَايِيسِ حِيْثُ الاجْتِمَاعُ عَلَى الطَّاعَاتِ مِنْ صَلَاةٍ وَذِكْرٍ وَتَقَرُّبٍ إِلَى المَوْلَى -عز وجل-، فَلَا تَسْمَعُ مِنْ أَهْلِ الفَجْرِ إِلَّا الكَلَامَ الطَّيِّبَ، وَلَا تَرَى مِنْهُمْ سِوَى الخُلُقِ الحَسَنِ، فَلَا يَأْتِي مِنْ جِهَتِهِمْ هَمٌّ وَلَا غَمٌّ وَلَا سُوءٌ.

- وَأَخِيرًا، يَا صَاحِبَ الفَجْرِ؛ مُدَاوَمَتُكَ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي المَسْجِدِ تَجْعَلُ مِنْكَ قُدْوَةً حَسَنَةً وَنَمُوذَجَاً يَحْظَى بِاحْتِرَامِ الآخَرِينَ وَتَقْدِيرِهِمْ، مِمَّا يَجْعَلُ لَكَ تَأْثِيرًا قَوِيًّا فِيهِمْ حِينَمَا تُبَادِرُ إِلَى نُصْحِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ.

عَرَفْتُمْ أَصْحَابِي وَأَحِبَّائِي تِلْكَ الآثَارَ وَالمَغَانِمَ وَالثِّمَارَ، فَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا دَوْمًا مِنْ أَهْلِ الفَجْرِ، وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ إِلَى كُلِّ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.

مقالات مشابهة

مُمَارَسَةُ النَّقْدِ بَيْنَ الإِيجَابِ وَالسَّلْبِ

منذ 0 ثانية

د. عبد رب النبي فتحي أبو سلطان - خطيب بوَزارة الأوقاف

الحَجُّ وَأَسْرَارُهُ

منذ 0 ثانية

د. ناصر معروف - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

الأَسْرَارُ الخَفِيَّةُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ البَهِيَّةِ

منذ 0 ثانية

أ.د محمود خليل أبو دف - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

طريقنا نحو طفل قلبه معلق بالمسجد

منذ 1ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

مُمَارَسَةُ النَّقْدِ بَيْنَ الإِيجَابِ وَالسَّلْبِ

منذ 0 ثانية2963
الحَجُّ وَأَسْرَارُهُ

منذ 0 ثانية3014
الأَسْرَارُ الخَفِيَّةُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ البَهِيَّةِ

منذ 0 ثانية3354
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi