شريط الأخبار

سَوْدَةُ القُرَشِيَّةُ التِي لَمْ تَقْبَلِ الزَّوَاجَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ منذ 0 ثانية 3007

أَزْعُمُ أَنَّ الطَّاقَةَ النَّفْسِيَّةَ عِنْدَ النِّسَاءِ إِذَا كَانَتْ إِحْدَاهُنَّ مُصْبِيَةً (ذَاتَ صِبْيَانٍ، لَهَا أَوْلَادٌ)، ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا، لِتَبْقَى وَحْدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ بَنِيهَا رِعَايَةً وَحَدَبًا وَحَنَانًا وَتَرْبِيَةً، لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنَ الرِّجَالِ فِيمَا لَوْ انْكَفَأَتِ المُعَادَلَةُ وَتَغَيَّرَتْ، وَيَبْدُو لِي أَنَّ لِهَذَا سَبَبًا مَوْضُوعِيًّا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ أَكْثَرَ وَقْتِهِ خَارِجَ بَيْتِهِ، فِيمَا لَوْ كَانَ بِلَا زَوْجَةٍ تُرْعَى أَوْ أُخْتٍ تُتَابَعُ بِأَقَلِّهَا، وَعَقْلُهُ لَنْ يَكُونَ مَعَهُ، وَفُؤَادُهُ حِينَئِذٍ تَرَاهُ فَارِغًا، وَهَذَا إِذَا صَحَّ التَّوْصِيفُ لَا يُثْبِتُ نِقَاطًا فِي مَرْمَى الرِّجَالِ وَلَا يُسَجِّلُهَا أَهْدَافًا لِلْمَرْأَةِ؛ بَلْ يَكُونَانِ أَقْرَبَ إِلَى التَّعَادُلِ، وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا.

وَفِي قِصَّةِ سَوْدَةَ القُرَشِيَّةِ:

(وَهِيَ غَيْرُ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ أُولَى زَوْجَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ وَفَاةِ خَدِيجَةَ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي إِصَابَتِهِ) مَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ؛ "فَقَدْ خَطَبَهَا رَسُولُنَا الأَعْظَمُ، وَقَدْ كَانَ لَهَا خَمْسَةُ أَوْ سِتَّةُ صِبْيَةٍ مِنْ بَعْلٍ لَهَا مَاتَ، فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا يَمْنَعُكِ مِنِّي؟»، قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ أَنْ لَا تَكُونَ أَحَبَّ الْبَرِيَّةِ إِلَيَّ، وَلَكِنِّي أُكْرِمُكَ أَنْ يَضْغُوَ [يَصِيحُونَ وَيُزْعِجُونَكَ] هَؤُلاءِ الصِّبْيَةُ عِنْدَ رَأْسِكَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، قَالَ: «فَهَلْ مَنَعَكِ مِنِّي شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ؟»، قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ" [رواه أحمد].

وَفِي الحَدِيثِ:

1. دَعْوَةٌ إِلَى السُّؤَالِ المُبَاشَرِ فِيمَا لَمْ نَفْهَمْهُ مِنْ مَوَاقِفَ وَمَسَائِلَ، وَأَلَّا نَتْرُكَ المَجَالَ لِلْتَّحْلِيلِ وَتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ أُمُورًا كُلَّهَا مِنْ بَنَاتِ اخْتِرَاعِنَا وَاقْتِرَافِ أَوْهَامِنَا، مُلْقِينَ الكُرَةَ فِي مَلْعَبِ الطَّرَفِ الآخَرِ.

2. فِيهِ المَرْأَةُ الفَاهِمَةُ الوَقُورُ التِي لَا تَتَحَكَّمُ فِيهَا عَاطِفَتُهَا، بَلْ تُلْزِمُ نَفْسَهَا الصَّرَاحَةَ وَالتَّفْكِيرَ المُسْتَقْبَلِيَّ، حَتَّى تَسْتَطِيعَ مِنْ غَيْرِ التَّأْثِيرَاتِ الخَارِجِيَّةِ أَنْ تَخْتَارَ مُرَادَهَا وَمُرَادَهَا فَقَطْ، وَقَدْ كَانَ أَنْ ظَلَّتْ لِأَوْلَادِهَا.

3. رَسُولُنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ أَيَّ رَجُلٍ؛ هُوَ النَّبِيُّ، وَهُوَ القَائِدُ، وَالمُتَابَعُ إِعْلَامِيًّا، وَمَسْأَلَةُ رَفْضِهِ مِنِ امْرَأَةٍ وَهُوَ الرَّجُلُ الذِي لَا يُعَابُ؛ سَتَطِيرُ بِهَا الرُّكْبَانُ، وَيَتَنَاقَلُهَا النَّاسُ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ حَدَثٍ يَمُوتُ فِي قَبْرِهِ بِــــ (كُلُّ شَيْءٍ قِسْمَةٌ وَنَصِيبٌ)، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِدِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَرْأَةِ، وَلَمْ يُعَنِّفْهَا، وَلَمْ يُكْرِهْهَا عَلَى الاقْتِرَانِ بِهِ.

4. تَضَعُنَا القِصَّةُ عَلَى أَمْرٍ صَارَ أَيَّامَنَا هَذِهِ غَرِيبًا، وَرُبَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ البَعْضُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مُسَلَّمَاتِنَا الاجْتِمَاعِيَّةِ؛ وَهُوَ النَّظْرَةُ السَّلْبِيَّةُ أَوِ المَصْحُوبَةُ بِالشَّفَقَةِ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَالأَرَامِلِ، فَضْلًا عَمَّا يَصْحَبُ ذَلِكَ مِنْ شُعُورٍ بِالْعِبْءِ وَالثّقَلِ مِنْهُنَّ حَتَّى مِنْ بَعْضِ الأَهَالِي، وَهُوَ أَمْرٌ بَائِسٌ مُحْزِنٌ يُجْبِرُ بَعْضَهُنَّ أَنْ تَغْتَالَ حُرِّيَّتَهَا وَأُنْسَهَا وَحُبَّهَا أَوْلَادَهَا وَتَتَزَوَّجَ بِمَنْ لَا يُكَافِئُهَا لَا سِنًّا وَلَا شَكْلًا وَلَا لَوْنًا وَلَا عِلْمًا وَلَا فَهْمًا؛ حَتَّى تَهْرُبَ مِنْ سِيَاطِ المُجْتَمَعِ وَنَظَرَاتِهِ العَابِسَةِ العَابِثَةِ، رُغْمَ أَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ أُولَى زَوْجَاتِ نَبِيِّنَا الأَعْظَمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ ثَيِّبًا هَلَكَ عَنْهَا اثْنَانِ قَبْلَ زَوْجِهَا رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يَكُنِ الأَمْرُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ؛ بَلْ كَانَ المُجْتَمَعُ القُرَشِيُّ وَالعَرَبِيُّ إِجْمَالًا يَنْظُرُ بِاحْتِرَامٍ وَتَقْدِيرٍ وَتَفَاعُلٍ كَرِيمٍ إِلَى هَؤُلَاءِ الكِرَامِ، فَمَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا مَرَاشِدُنَا؟

5. ثَبَتَ عُقَيْبَ القِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لِلْمَرْأَةِ الكَرِيمَةِ بِالْرَّحْمَةِ، وَجَعَلَهَا مِثَالًا عَلَى النِّسَاءِ القُرَشِيَّاتِ الرَّاقِيَاتِ، وَوَصَفَهَا بِالصَّلَاحِ وَالحَنَانِ، وَالرِّعَايَةِ لِلْزَّوْجِ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ؛ بَلْ وَاسْتَخْدَمَ لَهُنَّ -وَالمَذْكُورَةُ مِنْهُنَّ- صِيغَةَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ، بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ يَقُولُ: «يَرْحَمُكِ اللَّهُ، إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الْإِبِلِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ بِذَاتِ يَدٍ» [رواه أحمد].

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

المحمولون على طريق الدعوة

منذ 0 ثانية3406
مسجد أبو بكر الصديق - عبسان الكبيرة

منذ 0 ثانية4725
سَوْدَةُ القُرَشِيَّةُ التِي لَمْ تَقْبَلِ الزَّوَاجَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!

منذ 0 ثانية3007
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi