شريط الأخبار

عِلْمُ النَّفْسِ النَّحْوِيُّ!

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ منذ 0 ثانية 2764

بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ نُكْتَةِ (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا) وَتَشْرِيدِهَا قَبِيلاً مِنَ النَّاسِ وَاتِّهَامِهِمْ نَحْوَنَا بِعَدَمِ "الرُّومَانسيَّةِ" رُبَّمَا، وَإِيجَادِ حَالَةٍ مِنَ التَّضَامُنِ المُسْتَمِرِّ مَعَ عَمْرٍو المَضْرُوبِ الذِي يَتَحَمَّلُ فِي سَبِيلِ التَّمْثِيلَاتِ العِلْمِيَّةِ مَا يَتَحَمَّلُ حَتَّى قِيلَ فِيهِ: أَلَيْسَ لَهُ أَهْلٌ يَسْأَلُونَ عَنْهُ؟، إِلَّا أَنَّ فِي المَسْأَلَةِ وُجُوهًا أُخْرَى:

1. احْتِمَالِيَّةُ عُنْفِيَّةِ المُمَثِّلِ بِهَا أَصَالَةً أَوْ بِيئَةً أَوْ جَوًّا، فَالنَّاسُ فِي تَمَثُّلِهَا وَتَمْثِيلِهَا وَلَا شُعُورِهَا تَنْضَحُ مِنْ كُؤُوسِ خِبْرَتِهَا الحَيَوِيَّةِ وَتَأْثِيرَاتِهَا الخِبْرَاتِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَصِلَ هَذَا عَنِ الوَاقِعِ إِلَّا قَلِيلاً وَنَادِرًا، أَمْ أَنَّهُ مِثَالٌ هَجَمَ، وَالنَّاسُ بَعْدُ قَلَّدُوا الأَوَّلَ؟

2. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ هَذَا التَّمْثِيلَ يُسَاقُ لِوُضُوحِهِ وَلِإِثَارَتِهِ مَعًا، وَبِهِ يُؤْمَنُ اللَّبْسُ، لَكِنْ يُسْأَلُ مَعَهَ فِي المُقَابِلِ: فَمَا بَالُ التَّمْثِيلِ بِالْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ؛ كَأَنْ تَقُولَ: أَكَلَ زَيْدٌ قَصْعَةً وَحْدَهُ، وَشَرِبَ زَيْدٌ إِنَاءً كَبِيرًا مِنَ المَاءِ، وَأَلْبَسَ زَيْدٌ عَمْرًا حُلَّةً يَمَانِيَّةً.

3. وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ إِذَا سَلَّمْنَا أَنَّ المَرْءَ يُحِبُّ "الأَكْشِنَ" وَالحَرَكَةَ، وَيَرْغَبُ فِي مَنْطِقِ القُوَّةِ كَثِيرًا، وَيَعْشَقُ البُطُولَةَ حَتَّى آخِرِهِ، وَتَجِدُهُ لَوْ كَانَ فِي مَحِلِّ الدَّرْسِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَعْلَقُ بِذِهْنِهِ لَيْسَ الأُمُورَ الدَّالَّةَ عَلَى أَشْيَاءَ بَسِيطَةٍ أَوْ خَفِيفَةٍ؛ بَلِ التِي تَتْرُكُ آثَارَ إِيقَاعَاتِهَا فِي جِدَارِ قَلْبِهِ وَعَقْلِهِ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ خَفِيفَ الفَهْمِ بَطِيءَ الاسْتِيعَابِ، وَهَذَا مِنْ ذَكَاءِ المُدَرِّسِ، وَمِثْلُهُ مَا يَدْخُلُ فِي إِطَارِ التَّمْثِيلِ فِي أُمُورِ الزَّوَاجِ وَالحُبِّ أَوْ كُرَةِ القَدَمِ؛ كَأَنْ تَقُولَ: أَحَبَّ قَيْسٌ لَيْلَى، وَطَحَنَ الأَهْلِيُّ الزَّمَالِكَ، وَتَزَوَّجَ زَيْدٌ هِنْدًا وَثَلَاثًا مَعَهَا مَعًا.

4. وَتَجِدُ أَنَّ النَّاسَ يَهِيمُونَ إِذَا ذُكِرَ عِشْقُ قَيْسٍ لَيْلَى، وَرُبَّمَا تَذَكَّرُوا كُثَيِّرًا وَعَزَّةَ، وَاسْتَطَابُوا الكَلَامَ عَنِ امْرِئِ القَيْسِ، وَعَنِ الأَخْيَلِيَّةِ، وَاسْتَدْعَوْا لِلْرِّيَاضَةِ بَرْشَلُونةَ وَمَثَّلُوا بِهَا وَالبَرَازِيلِ وَالأَرْجَنْتِينِ عَلَى الفَوْزِ وَالصَّدَارَةِ، وَكُلَّمَا كَانَ الكَلَامُ ذَا خُصُوصِيَّةٍ أَكْثَرَ اشْرَأَبَّتْ أَعْنَاقٌ وَشَنَفَتْ لَهَ آذَانٌ.

مُلَاحَظَاتٌ بَيْنَ يَدَيْ مُعْطَيَاتِ التَّحْلِيلِ:

1. خُذْ قِطَاعًا بَحْثِيًّا سَرِيعًا فِي (ضَرَبَ، يَضْرِبُ، ضَارِبٌ..) فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ لِابْنِ هِشَامٍ مَثَلاً، فَسَتَجِدُ أَنَّ النَّتَائِجَ وَاضِحَةٌ فِي هَذَا السِّيَاقِ، وَلَا أَظُنُّ ابْنَ هِشَامٍ يَدْخُلُ فِي مَجَالٍ تَحْلِيلِيٍّ، لَكِنَّهَا وَقْفَةُ اليَوْمِ مِنْ بَابٍ آخَرَ.

2. غَالِبُ التَّمْثِيلَاتِ تُظْهِرُ لَكَ اسْتِقْوَاءً عَلَى عَمْرٍو، وَلَكِنَّنِي "فَرِحْتُ" بِمِثَالٍ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهَ جَعَلَ فِيهِ زَيْدًا مَضْرُوبًا لَكِنَّهُ اسْتَعَاضَ عَنْ عَمْرٍو بِعَبْدِ اللهِ، كَأَنَّهُ خَافَهُ [ضَرَبَ عَبْدُ اللهِ زَيْدًا]، وَتَجِدُ فِي شَرْحِ الأَلْفِيَّةِ [ضَرَبَ سَعِيدٌ جَعْفَرًا]، وَمِمَّا يُوْحِي لَكَ (رُبَّما!) بِالاسْتِقْوَاءِ [تَنَزُّلًا] أَنَّ هُنَاكَ حِفَاظًا عَلَى "رُوحِيَّةِ التَّقْلِيدِ" أَوْ "تَثْبِيتِ المَعْلُومَةِ" كَمَا أَبْدَلَ الشَّاطِبِيُّ فِي شَرْحِ الأَلْفِيَّةِ زَيْدًا بِبَكْرٍ، لَكِنْ ظَلَّ عَمْرٌو مَضْرُوبًا [ضَرَب عَمْرًا بَكْرٌ].

3. العَجِيبُ الذِي لَفَتَ انْتِبَاهِيَ هُنَا وَجَعَلَنِي أَبْحَثُ فِي المَسْأَلَةِ، هُوَ أَنَّ التَّمْثِيلَاتِ إِذَا كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَإِنَّ غَالِبَ الصَّدَارَةِ تُجْعَلُ لِلْضَّرْبِ وَ"التَّطْبِيشِ"، أَوْ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْضَّرْبِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِسَاحَةِ التَّمْثِيلِ.. اُنْظُرْ مَثَلاً الآجُرُّومِيَّةَ تَجَدِهُ فِي أَنْوَاعِ الأَفْعَالِ يَقُولُ: مَاضٍ، وَمُضَارِعٌ، وَأَمْرٌ، نَحْوَ: ضَرَبَ، وَيَضْرِبُ، وَاضْرِبْ.. وَتَجْدُهُ يُؤَكِّدُ عَلَى العَادَةِ فِي هَضْمِ زَيْدٍ وَإِرْقَاءِ عَمْرٍو؛ حَيْثُ يَقُولُ: "ضُرِبَ زَيْدٌ"، وَ"يُضْرَبُ زَيْدٌ"، وَ"أُكْرِمَ عَمْرٌو"، وَ"يُكْرَمُ عَمْرٌو".

4. رُبَّمَا يَكُونُ لِلْتَّمْثِيلِ بِهَذَا مَعَ وُجُودِ أَبْوَابِ النَّحْوِ المُتَعَدِّدَةِ، فَضْلاً عَنِ التَّمْثِيلِ بِالْمَحْسُوسِ لَا المُتَخَيَّلِ، أَنْ يَعِيشَ المَرْءُ السِّينَاريُو مِنْ مُنْتِجِ الكِتَابِ وَمُخْرِجِهِ (مُؤَلِّفِهِ)، وَيَحْرِصَ عَلَى مُتَابَعَةِ أَحْوَالِ الضَّارِبِ وَالْمَضْرُوبِ لِيَصِلَ فِي النِّهَايَةِ إِلَى حَلَقَةِ الخِتَامِ قَوِيًّا مُتَمَيِّزًا.

5. فِي إِطَارِ عِلْمِ النَّفْسِ تَجِدُنَا نَقِفُ مَعَ الضَّحِيَّةِ وَنَنْتَصِرُ لِلْمَهْضُومِ وَنَصُبُّ جَامَ نَكِيرِنَا عَلَى الظَّالِمِ وَالمُفْتَرِي، وَهُوَ مَا يَعْنِي أَنَّ زَيْدًا لَوْ كَانَ أَوْ صَارَ مَضْرُوبًا لَسَأَلْنَا السُّؤَالَ عَيْنَهُ عَنْهُ.! [يَعْنِي لَا خَوْفَ عَلَيْهِ]

ثُمَّ مِنْ بَابِ النُّكْتَةِ:

أَلَا تَخْشَى أَنْ يُقَالَ أَنَّ لُغَتَنَا لُغَةُ الضَّادِ؛ لِأَنَّهَا تُكْثِرُ مِنَ التَّمْثِيلِ بِمَا أَوَّلُهُ ضَادٌ كَقوْلِنَا: (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا)، وَلَا يُخْلِي أَهْلُهَا أَمْثِلَتَهُمْ مِنْ ضَادِ الضَّرْبِ؟

سُؤَالٌ لِخُبَرَاءِ اللُّغَاتِ الأُخْرَى:

مَا هِيَ أَحْوَالُ التَّمْثِيلَاتِ عِنْدَكُمْ؟ رُومَانْسِيَّةٌ أَمْ أَكْشِنْ ؟

مقالات مشابهة

عِلْمُ النَّفْسِ النَّحْوِيُّ!

منذ 0 ثانية

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

مُسْتَنْقَعُ النَّشْرِ

منذ 2 ثانية

د. وائل محيي الدين الزرد - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

مَنْعُ المِيْرَاثِ مِنَ الكَبَائِرِ

منذ 3 ثانية

د. محمد كمال سالم - خَطِيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

عِلْمُ النَّفْسِ النَّحْوِيُّ!

منذ 0 ثانية2764
يوم تُبْلى السرائرُ

منذ 1ثانية3501
هَلْ فِعْلاً يَنْصُرُ اللهُ الدَّوْلَةَ الكافِرةَ (العادِلَةَ) عَلى الدَّوْلَةِ المُؤْمِنَةِ (الظَّالِمَةِ)؟

منذ 1ثانية3927
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi