من أنواع القلوب القلب المريض وهو الذي أشار إليه القرآن: ﴿ِإذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال:49]، والقلب المريض إذا استشرى فيه المرض أصابه حالة القسوة، حيث يصل إلى هذه الحالة بتراكم جملة من الأسباب منها:

1. حب الدنيا: يقول عبد القادر الجيلاني -رحمه الله-: "القلب يصدأ، فإن تداركه صاحبه بما وصف النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وإلا انتقل إلى السواد، يسود لبعده عن النور، يسود لحبه الدنيا والتحويز عليها من غير ورع؛ لأن من تمكن من قلبه حب الدنيا، زال ورعه فيجمعها من حلال وحرام، يزول تمييزه في جمعه، يزول حياؤه من ربه -عز وجل- ومراقبته".

ويشبه الإمام الجيلاني فساد القلب بسبب طلب الدنيا بفساد العسل إذا أضيف له الخل فيقول: "لا تطلب الدنيا ولا تغضب لشيء منها فإن ذلك يفسد قلبك كما يفسد الخل العسل"، ويلازم فساد القلب وقسوته ضياع الحكمة ونسيانها وفي هذا يقول -رحمه الله-: "فرحك بالدنيا وإقبال الخلق عليك ينسيك الحكمة ويقسي قلبك".

2. كثرة الضحك: يقول الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: »لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب« [رواه ابن ماجه وصححه البوصيري]، وما موت القلب إلا نتيجةٌ واحدة من نتائجه، فقد عدد نتائجه الإمام الحسن البصري فكانت أربعة، فاسمعه حين يقول: "ابن آدم، أقلل الضحك، فإن كثيره يميت القلب، ويزيل البهجة، ويسقط المروءة ويزري بذي الحال".

3. كثرة الأكل: فقلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الطعام توجب ضد ذلك، وقد جاء في الحكمة: "إذا امتلأت المعدة؟ نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العباد". وقال إبراهيم بن أدهم: "من ضبط بطنه ضبط دينه، ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة وإن معصية الله بعيدة من الجائع، قريبة من الشبعان".

4. إطلاق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه: وهو على العكس من غض البصر، فيحدث أنواعاً من الفساد في قلب العبد، حيث إن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غض بصره لله أورثه حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه، وإطلاق البصر كذلك يلبس القلب ظلمة، كما أن غض البصر لله -عز وجل- يلبسه نوراً، وإطلاق البصر كذلك يعمي القلب عن التمييز بين الحق والباطل، والسنة والبدعة، وغضه لله -عز وجل- يورثه فراسة صادقة يميز بها.

5. كثرة الكلام بغير ما أنزل الله: وقد جاء في الحديث الضعيف عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: »لا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي« [أخرجه الترمذي، وكذا أخرجه مالك من كلام عيسى عليه السلام].